الإمارات تمضي قُدماً في توسيع البنية التحتيّة في ظلّ تقلبات الأسواق العالميّة

 الإمارات تمضي قُدماً في توسيع البنية التحتيّة في ظلّ تقلبات الأسواق العالميّة

دبي، 24 يونيو 2025

يحمل موسم الصيف عادةً الهدوء للأسواق الماليّة وذلك نظراً لتزامنه مع موعد عطلات المستثمرين، إلا أن استمرار التوترات الجيوسياسية هذا الصيف لا يزال يُخيم على المعنويات العالميّة. وقد أثر تصاعد المخاوف بشأن الرسوم الجمركيّة الأمريكيّة وتصاعد الصراع الإسرائيلي الإيراني على قابلية المخاطرة، مما دفع المستثمرين إلى اتخاذ مواقف حذرة زادت من تقلبات السوق.

ومع ذلك، وفي ظلّ هذه الظروف العالميّة المضطربة، تمضي دولة الإمارات العربيّة المتّحدة قُدماً في سلسلة طموحة من مشاريع البنية التحتيّة، مستغلةً الهدوء النسبي لأشهر الصيف لتسريع وتيرة مشاريع التطوير الرئيسيّة. ومع انخفاض حركة المرور خلال فترة العطلات، تُسرّع الحكومة وتيرة تحسينات شبكة النقل في البلاد، مما يُتيح للمستثمرين فرصة الاستفادة المبكرة من موجة النمو القادمة.

ويجري حاليّاً تنفيذ مشاريع بنيّة تحتية رئيسيّة لتعزيز الربط بين الشرق والغرب والشمال والجنوب في جميع أنحاء الإمارات من خلال طرق جديدة وتوسعات مترو. في دبي، تُعدّ تطويرات شارع حصة وتوسيع شبكة المترو بالخط الأزرق مشروعين محوريين يهدفان إلى تخفيف الازدحام وربط المراكز السكنيّة والتجاريّة الناشئة. في الوقت نفسه، يتقدم مشروع الاتحاد للقطارات بثبات، ومن المقرر أن يربط جميع الإمارات السبع بشبكة سكك حديدية حديثة، مما يفتح آفاقاً جديدة للاستثمار في العقارات وأسهم البنية التحتيّة.

في إطار توسّع أفق دبي، يُشيّد خور دبي ما يُتوقع أن يصبح أطول برج في العالم، متجاوزاً برج خليفة الشهير. وفي الوقت نفسه، يواصل مشروع دبي الجنوب تطوّره ليصبح مركز الطيران الرئيسي المستقبلي في المدينة، مع مطار آل مكتوم الدولي المرتقب، مما يُرسّخ دور الإمارات العربية المتحدة كقوة إقليميّة رائدة في مجال النقل والخدمات اللوجستية.

وتعليقاً على المجريات، تقول رزان هلال، محللة السوق في FOREX.com: “من المتوقع أن تؤدي هذه المشاريع التحويليّة إلى خفض أوقات السفر بأكثر من 75%”، مضيفة أنها “ستعزّز الاتصال عبر المناطق المزدهرة، مما يُرسخ الأسس لأداء قوي لسوق العقارات، بالإضافة إلى التنويع الاقتصادي، والتخطيط الحضري المستدام لعقود قادمة”.

من المتوقع أن تستفيد العديد من الشركات المدرجة في بورصات الإمارات، مثل هيئة كهرباء ومياه دبي (DFM: DEWA)، والاتحاد العقارية (DFM: UP)، وتبريد (DFM: TABREED)، وسالك (DFM: SALIK)، استفادةً مباشرة من هذه الموجة من التطوير، حيث تلعب كلٌ منها دوراً استراتيجياً في قطاعات الطاقة والتبريد والعقارات وإدارة رسوم الطرق على التوالي. ومع ذلك، ورغم هذا الزخم المحلي، فقد انخفض مؤشر MSCI الإماراتي بأكثر من 7% هذا الشهر، مما يعكس مخاوف أوسع نطاقاً بشأن ضعف الدولار والاضطرابات الجيوسياسية. وشهدت شركات التطوير العقاري الرائدة، مثل إعمار العقارية (DFM: EMAAR)، تصحيحات في أسعار أسهمها بنحو 5%، مما يؤكد النبرة الحذرة السائدة بين المستثمرين الإقليميين.

في حين تستمر التقلبات قصيرة الأجل بسبب الصدمات الخارجيّة، فإن التزام الإمارات العربية المتّحدة بخطط التنمية الوطنية طويلة الأجل – رؤية 2025، 2030، و2040 – يشير إلى أن انخفاضات السوق الحالية قد تُمثل نقاط دخول استراتيجيّة للمستثمرين على المدى الطويل، كما تُشير هلال. وتُضيف: “في ظل هذا المناخ، لا يزال تنويع المحفظة الاستثماريّة من أكثر القرارات حكمةً، ولا تزال السلع الأساسيّة، مثل النفط، تُمثل تحوّطاً ضد انقطاعات الإمدادات في المنطقة، بينما يحتفظ الذهب والفضة بجاذبيتهما كملاذين آمنين، لا سيما مع تزايد الطلب الصناعي على الفضة في قطاع التكنولوجيا.

وبشكل عام، ورغم التحدّيات التي تفرضها الرياح المعاكسة على الساحة العالميّة، تواصل دولة الإمارات العربيّة المتحدة تعزيز مكانتها بفضل تركيزها الواضح على بنية تحتية متقدمة تستشرف المستقبل، ومرونة حضرية عالية تعزّز قدرتها على التكيف. هذا النهج الاستراتيجي يجعل منها وجهة استثماريّة راسخة وواعدة، تجذب المستثمرين الذين ينظرون إلى ما هو أبعد من التقلبات المؤقتة ويسعون نحو فرص مستدامة طويلة الأمد.

user